تضم إمارة أم القيوين العديد من المناطق الأثرية التي لها أهمية تاريخية يعود تاريخ البعض منها إلى الألف السادس قبل الميلاد، وذلك بناء على الاكتشافات العديدة من عمليات التنقيب التي بدأت في عام 1972 في الإمارة وكشفت عن وجود العديد من المواقع الأثرية التي تثبت وجود حضارة ثقافية وتراثية في أم القيوين وأظهرت أن الاستيطان البشري في إمارة أم القيوين كان في بداية العصر الحجري الحديث أي منذ حوالي 7500 عام.
وحرصت دائرة السياحة والآثار في أم القيوين على إبراز المواقع و المباني الأثرية في دليلها السياحي الصادر مؤخرا بعنوان “اكتشف أم القيوين” الذي يوضح أهم المعالم السياحة في الإمارة و المناطق الثقافية و الترفيهية المخصصة لزائرينها حيث صنف الدليل المعالم الأثرية في الإمارة إلى صنفين “مواقع أثريه و مباني أثرية” وجاء عرض المواقع الأثرية الموجودة في الإمارة بتقديم نبذة عن أهم ما امتاز به كل موقع.
وقالت ميرة المحرزي مدير إدارة السياحة في دائرة السياحة والآثار بأم القيوين لـ “وكالة أنباء الامارات” إن إطلاق الدائرة دليل “اكتشف أم القيوين” يأتي مكملا وداعما لمساعي جهود الحكومة الرشيدة في تشجيع قطاع السياحة في الإمارة بما يتماشى مع رؤية الإمارات 2021 لترسيخ مكانة الإمارات كوجهة رئيسية رائدة للسياحة في العالم و دعماً لرؤية أم القيوين 2021 في تطوير القطاع السياحي بالإمارة كونه قطاعاً مهماً في دعم عجلة اقتصاد أم القيوين.
وأضافت المحرزي أن دائرة السياحة والآثار وضعت خطة ترويجية للتسويق عن الدليل باستخدام جميع قنوات التواصل الاجتماعي والموقع الرسمي للدائرة في حين تعتزم الدائرة الترويج للدليل في سوق السفر العربي الذي يعد أبرز أحداث قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي حيث يستقطب أعداداً كبيرة من كبرى الشركات المحلية والعالمية العاملة في مجال السياحة ليكون فرصة جيدة لتوزيع الدليل على نطاق واسع محليا وعالميا.
ومن أهم المواقع التي عرضها الدليل السياحي للدائرة ضمن تصنيف المواقع الأثرية /موقع الدور/ الذي يقع على الساحل الجنوبي الشرقي للخليج العربي بالقرب من الطريق الذي يربط بين إمارة رأس الخيمة من جهة وإمارتي الشارقة ودبي من جهة أخرى وتبلغ مساحته ما يزيد عن أربعة كيلومترات، وتم استيطانه في عصور ما قبل التاريخ “أم النار والعصر الحديدي” إلا أن فترة الاستيطان الرئيسية كانت في العقود الأخيرة للقرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، وقد اشتغل السكان بالتجارة الدولية و كانت الدور مدينة تجارية وممرا لعبور السفن التجارية.
وأشار الدليل السياحي إلى ارتباط معبد إله الشمس الذي تم اكتشافه عام 1987 بموقع الدور إذ يتميز المعبد بشكله شبه المربع و وجود مدخلين من الجهتين الشرقية والغربية بالإضافة إلى وجود أربعة مذابح مبنية من صخور شاطئية خارج المعبد، ووصف بأنه معبد “إله الشمس” استنادا إلى الحوض الحجري المكتشف فيه حيث وجدت عليه كلمات باللغة الآرامية من بينها إسم “شمس” وافترض بأنه مكرس لعبادة “إله الشمس”.
كما عرض الدليل /موقع تل الأبرق/ الأثري الذي يقع بين إمارتي الشارقة وأم القيوين، ويعود تاريخه إلى الألف الثالث قبل الميلاد حيث أظهرت الاكتشافات ارتباط الموقع بحضارة أم النار في أبوظبي، ومن أهم اكتشافات /تل الأبرق/ اكتشاف بناء دائري لقلعة كبيرة على شكل مدرجات مبنية من الأحجار البحرية وقبور دائرية تعود لفترة أم النار بالإضافة إلى مجموعة من البرونزيات والفخاريات واللقى الأثرية المهمة .
أما /موقع الشبيكة/ الأثري فقد بين الدليل أهميته الأثرية من الاكتشافات التي أثبتت استيطان الرعاة و الصيادين للمنطقة منذ 7500 سنة و تم حسب الدليل اكتشاف قبر جماعي يرجع تاريخه إلى الألف الخامس قبل الميلاد، كما تم العثور في الموقع الذي يقع على الطريق الرابط بين إمارة أم القيوين بإمارة رأس الخيمة على ثاني أقدم لؤلؤة في التاريخ تعود بحسب التأرخ بالكربون 14 إلى 5500 سنة قبل الميلاد وهي بالتالي ثاني أقدم لؤلؤة أثرية في شبه الجزيرة العربية والعالم .
ومن الآثار التي برزها الدليل السياحي في أم القيوين هو اكتشاف ثاني أقدم لؤلؤة في التاريخ فيموقع أم القيوين 2، و قد عثر عليها في المستوى العاشر أثناء عملية التنقيب في منطقة المستوطنة، ومن خلال تحليل الكربون المشع تم تأريخ هذه اللؤلؤة إلى سنة 5500 قبل الميلاد أي 7500 سنة من وقتنا الحاضر، وبذلك تعد ثاني أقدم لؤلؤة عثر عليها خلال أعمال التنقيبات الأثرية .
وأوضح الدليل أن اكتشاف اللؤلؤ في منطقة الخليج يدل علي المكانة التي يتميز به اللؤلؤ في تلك الحقبة من الزمن وإن كان له مكانة هامة في الطقوس الدينية خلال الألف السادس والخامس قبل الميلاد إلى جانب عملية التجارة، حيث كان يوضع اللؤلؤ على وجه الميت والدال على ذلك العثور على اللؤلؤ الأولي خلال عمليات التنقيب في موقع الشبيكة فوق جمجمة المتوفى.
وبالحديث عن المواقع الأثرية في أم القيوين فلا بد من التحدث عن موقع الإكعاب وهو موقع ساحلي يقع على بحيرة أم القيوين وجزيرة الأكعاب مواجهة لمدينة أم القيوين ويرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث، وقد تم خلال عمليات التنقيب اكتشاف تجمع عظام حيوان الأطوم إلى جانب مواد أخرى مميزة ترجع إلى الألف الخامس والألف الرابع قبل الميلاد، كما اكتشف بالموقع العديد من القطع الأثرية تتنوع بين كميات من الأصداف والقشريات وسنارات الصيد واللؤلؤ ومكاشط وأدوات من العظام وحجر الصوان وفخار يرجع تاريخه إلى فترة العبيد.
وأوضحت السيدة رانيا قنومة رئيس قسم الآثار بالدائرة لـ “وكالة أنباء الامارات” أن أعمال البحث العلمي والتنقيب الأثري أثبتت أن إمارة أم القيوين من أقدم وأعرق المدن ليس فقط في جنوب شرق الجزيرة العربية فحسب ولكن في العالم بأسره، حيث تم العثور على مكتشفات أثرية تؤكد استيطان بشري في الامارة منذ سبعة آلاف وخمسمائة عام حتى وقتنا الحاضر مرورًا بحقب تاريخية وحضارية عديدة وبذلك فإن إمارة أم القيوين مرجع وسجل موثوق لدراسة التراث الثقافي بكافة مجالاته وفهم الكثير عن ممارسات وتقاليد ومعتقدات الشعوب قديما.
ويعتبر برج بخوت على حسب تصنيفات دائرة السياحة والآثار في أم القيوين في دليلها السياحي من المباني الأثرية في الإمارة حيث بني البرج في عهد الشيخ عبدالله بن راشد المعلا الأول عام / 1800 / ويقع في ميناء أم القيوين حاليا، حيث كان يستخدم قديما للحراسة ومناره للسفن وتم بناؤه من الحجارة البحرية التي كانت متوفرة ذلك الوقت في خور أم القيوين ..
ويمتاز تصميم برج بخوت بالطراز الساحلي ذات مميزات معمارية بحرية وذلك بسبب الموقع الجغرافي وظروف البحر المعروفة في ذلك الوقت .
ومن المعالم الأثرية الجميلة في أم القيوين /سور أم القيوين/ الذي بني في عهد الشيخ عبدالله بن راشد الأول عام 1820، ويتكون من ثلاثة أبراج، أولها برج الخور الذي يقع على خور البيضاء، وثانيها برج معصوم الذي يقع في وسط السور، وأخيرا برج البحر الذي يقع على الخليج العربي مباشرة وقد قامت الدائرة بإعادة ترميم السور والأبراج الثلاثة فضلا عن انشاء حديقة صغيرة في محيط السور تفتح أبوابها يوميا للزوار.
المصدر: وام