أعلنت مبادرة “مقتنيات دبي” عن تفاصيل معرضها الفني الحضوري الأول تحت عنوان “عندما تتحدث الصور” الذي سيضم مجموعة من مقتنيات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إضافة إلى أبرز الأعمال الفنية المختارة من مجموعة “مقتنيات دبي” المنضمة حديثاً إلى هذه المبادرة التي تم تأسيسها من خلال نموذج شراكة جديد ومبتكر يجمع بين أعمال فنية استثنائية مقدَّمة من مقتنيات أفراد ومؤسسات لتكون متاحة أمام الجمهور، فضلا عن الاستفادة منها لأغراض تعليمية وتثقيفية.
وسيقدم المعرض، الذي يقام تحت إشراف المقيّم الفني الدكتورة ندى شبوط، مجموعة من أعمال الفن الحديث والمعاصر من جميع أنحاء المنطقة، متتبعاً المسيرة التاريخية لتطور حركة الفنون العربية من الحداثة نحو الاتجاهات المعاصرة، مع إبراز دور منطقة الخليج العربي في توثيق واقع تاريخ الفن في المنطقة عبر مراحله المختلفة.
وفي هذه المناسبة، قالت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي رئيسة اللجنة العليا لمقتنيات دبي: “يعد افتتاح معرض ’عندما تتحدث الصور‘ حدثاً مهماً في مسار مبادرة ’مقتنيات دبي‘، إذ يسهم في تفعيل وتحقيق هذه المبادرة المبتكرة على أرض الواقع لتكون جزءاً من الحراك الثقافي في مدينتنا، وما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا ثقة الرعاة وإيمانهم بطموح ورسالة هذا المشروع الذي يسعى إلى تقديم الفن في الأماكن العامة لجميع الجماهير في دولة الإمارات وخارجها؛ وتشكيل حلقة وصل بين الرعاة والفنانين المحليين؛ وبناء مجموعة فنية عالمية مميزة من دبي إلى العالم، تدعم القطاع الثقافي في الإمارة.”
وأضافت سموها: “يسعدنا أن نقدم من خلال معرضنا الأول ’عندما تتحدث الصور‘ أعمالاً فنية متميزة بينما ستثري المعرض مجموعة من مقتنيات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ما يؤكد دعم سموّه للقطاع الثقافي والفني في دبي. وسيشهد المعرض سرداً غنياً للفن العربي في القرن العشرين، مسلطاً الضوء على الدور الحيوي الذي قامت به دول الخليج العربي في توثيق هذه الفترة الفنية، ونتطلع إلى الترحيب بالجميع في معرضنا الافتتاحي في متحف الاتحاد في نوفمبر المقبل.”
مسح تاريخي
من جهتها، علّقت الدكتورة ندى شبوط، القيّم على المعرض، قائلةً: “بهدف إنشاء مسح تاريخي حول الفن الحديث والمعاصر في المنطقة، سيضم معرض” عندما تتحدث الصور “ أعمالاً لنخبة من أكثر الفنانين تأثيراً وتقدماً، إذ لعبوا جميعهم دوراً محورياً في تشكيل الحركات الفنية الحديثة في المنطقة وإبراز الديناميكيات الاجتماعية والثقافية لعصرهم. لقد شهد القرن العشرين أحد التحولات الكبرى التي أدت إلى تأسيس الدول المختلفة في العالم العربي في أعقاب حصولها على الاستقلال وشروعها في بناء هياكلها الحديثة. وعبر أطروحات وأيقونات فنية عكست الهويات الوطنية لمجتمعاتهم، فيما أدى هؤلاء الفنانون دوراً حيوياً أسهم بشكل كبير في تشكيل الوعي الوطني في بلدانهم”.
ثلاثة أقسام
ويضم المعرض ثلاثة أقسام، تدور حول ثلاثة موضوعات محورية، حيث تخدم الأعمال الفنية كسجلات أرشيفية للعصر الذي أُنتجت فيه، وتسرد تاريخ الفن في المنطقة على مدار العقود الماضية، في حين تتداخل وتتقاطع العديد من المجموعات الفنية المعروضة في موضوعاتها.
وتحت عنوان “منوّعات تجريدية”، تستعرض قصة الفصل الأول من المعرض موضوع التجريد في الفن العربي الحديث، ويضم القسم أعمالاً لمجموعة من الفنانين البارزين في المنطقة من بينهم ضياء العزاوي وعمر النجدي. وقد كان التجريد موضوع نقاش مهم ذو أطروحات سياسية بين الفنانين العرب في منتصف القرن العشرين، ممثلاً وسيلة للمطالبة بالهوية وشكلاً من أشكال البحث عن الاستقلال بالنسبة للبعض، بينما شكك البعض الآخر في قدرة التجريد على إيصال الأفكار إلى الجمهور، معتقدين بأنه يمنع الفن من القيام بدور أكثر مباشرة في التثقيف الوطني. ورغم أنه كان يُنظر إلى التجريد على أنه وسيلة للمضي نحو المستقبل، إلا أنه اعتُبِر أيضًا وسيلة لإعادة التواصل مع الماضي.
أما الفصل الثاني من المعرض، فيستعرض تحت عنوان “المجتمعات في مرحلة انتقالية” رؤى الفنانين حول المجتمع والتاريخ والأسرة والأساطير والثقافة. وتعكس الأعمال المعروضة في هذا القسم للفنانتين باية محي الدين ونزيهة سليم، والفنان أسعد عرابي مفاهيم الفنانين وحواراتهم عن الذات من خلال العلاقات المجتمعية، وكذلك النضالات المحلية من أجل الاستقلال وتشكيل الدول في سياق عالمي. اكتسبت فكرة الأممية في هذه الحقبة أهمية خاصة، حيث سعى الفنانون إلى التواصل والتفاعل مع الحركات الفنية في أوروبا ومناطق أخرى من العالم، مثل شبه القارة الهندية. وفي محاولة لمواجهة الرواية الاستشرافية التي فرضها الغرب، مثّل هؤلاء الفنانين واقعهم وشعبهم، ونرى ذلك في أعمالهم التي تتحدث عن المرونة والإبداع في مواجهة الصراعات.
وعبر الفصل الثالث والأخير من المعرض تحت عنوان “استحضار البيئة”، يستكشف المشاهد من خلال أعمال قامات فنية رفيعة، مثل فاتح المدرس وعبد القادر الريس ونجيب بلخوجة، وفنانين آخرين، ويروي هذا الفصل كيف أصبح رسم المدن وسيلة لبناء وتوثيق تصور خيالي مثالي عن فكرة “الأُمّة” في بعض الأعمال؛ بينما تسجل أعمال أخرى تحولات المدن والقرى الصغيرة إلى مساحات حضرية أكبر، حيث طور كل بلد هويته الحديثة.
ويهدف المعرض بشكل رئيسي إلى التركيز على دور دولة الإمارات في توثيق التبادل الأكاديمي والفكري الحيوي بين العديد من الفنانين المعروضة أعمالهم في المعرض، فضلاً عن إبراز الدور الفاعل للإمارات، ليس كمركز إبداعي للفنانين فحسب، ولكن أيضاً في توثيق تاريخ الفن في المنطقة.
وسيسهم الكتالوج الرقمي الذي سيتم نشره بالتزامن مع انعقاد المعرض، ويضم بحثًا للدكتورة ندى شبوط، في إيضاح السياقات التي تم تقديم الأعمال المعروضة وفقها.
وانطلاقاً من منظور شامل وجامع، تشكل “مقتنيات دبي” فرصة أمام الرعاة لعرض مجموعاتهم، والفنانين لعرض أعمالهم الفنية عبر منصة متاحة لشريحة واسعة من الجمهور. وتتفاعل المبادرة مع تاريخ إمارة دبي وتعكس هويتها النابضة بالحياة والانفتاح، وتعزز من مكانتها كمركز عالمي للفن والثقافة.
وسيتزامن المعرض مع إطلاق المتحف الرقمي لمبادرة “مقتنيات دبي” الذي سيحتوي على كتيّب للأعمال المدرجة في المبادرة، والسير الذاتية لكل الفنانين المعروضة أعمالهم، إلى جانب محتوى مهم حول تاريخ اقتناء الأعمال الفنية في دولة الإمارات، ولمحات عن أبرز الرعاة المشاركين في المبادرة، ومعلومات إضافية حول الأعمال المتضمَّنة.
يذكر أن مبادرة “مقتنيات دبي” قد تم تطويرها بالتعاون مع “مجموعة آرت دبي” التي تمثّل “دبي للثقافة” في إدارة أنشطة المبادرة، وتشكل نقطة الاتصال الرئيسية لجميع عملياتها.
سيتم افتتاح معرض “عندما تتحدث الصور” في السادس من نوفمبر في متحف الاتحاد في دبي ليستعرض مجموعة من مقتنيات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومجموعة من مقتنيات دبي الفنية الأخرى. ويستقبل متحف الاتحاد زواره يوميًا من الساعة 10:00 صباحًا حتى الساعة 8:00 مساءً.