حجز أهالي خورفكان أماكنهم في مدرج خورفكان التحفة المعمارية المصممة على الطابع الروماني التي تبدو كما لو أنها نحتت في قلب جبل لتطل على كورنيش المدينة ليشاهدوا فيلم “خورفكان” حيث تحوّل المدرج إلى صالة سينما مفتوحة أخذتهم بالزمن إلى أكثر من أربعة قرون ليعيشوا من المكان ذاته كيف قاوم أجدادهم الغزو البرتغالي الذي قاده الجنرال البحري “أفونسو دي البوكيرك” واسطوله الحربي في العام 1507.
وتحول الاحتفاء بالمدرج الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أمس الأول ليكون معلماً ثقافياً بارزاً يضاف إلى معالم المدينة وإمارة الشارقة إلى احتفاء بالمقاومة التي ابداها أهل المدينة قبل قرون فعلى وقع المدافع وصوت السيوف جدد أكثر من ألفين مشاهد من أهل المدينة فخرهم بتاريخ المدينة وراهنها ووقفوا بكامل العزة تقديراً للجهد الإبداعي والفني الذي جسده الفيلم.
إن مسيرة العمل التي تجاوزت العامين بدأت من كتاب صاحب السمو حاكم الشارقة “مقاومة خورفكان للغزو البرتغالي” وتكللت أمس بنجاح العرض الأول للفيلم وحجم الإقبال والانطباعات التي تركها المشاهدون من أهل المدينة وزوارها وجهد مبدعين ورؤى كبيرة لتحقيق نقلة نوعيّة في صناعة المحتوى الإبداعي الإماراتي جسدته هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون بإنتاجها للفيلم الذي جاء من إخراج الإيرلندي موريس سويني والبريطاني بين مول وشارك به نخبة من ألمع نجوم الوطن العربي.
وتشارك جمهور أول عرض عام للفيلم الاحتفاء بمنجزاتهم وثمنوا توجهات ورؤى صاحب السمو حاكم الشارقة كما لو أن أهل المدينة يؤكدون أن التعاون والتلاحم الذي سطروا أسمى أشكاله في صد الغزو البرتغالي على أرضهم هو هوية راسخة حيث توزع عشرات من الشباب المتطوعين لخدمة وتوزيع المشاهدين على مقاعدهم فيما كانت كوادر القيادة العامة لشرطة الشارقة تتولى مهامها داخل المدرج وخارجه وتتكفل الطواقم التابعة لكل من هيئة التخطيط والمساحة ودائرة الأشغال العامة وبلدية مدينة خورفكان والمجلس البلدي للمدينة والدفاع المدني بمهامهم لتكتمل فرحة المدينة.
العرض الافتتاحي الذي سيستمر حتى 19 ديسمبر الجاري في تمام الساعة 7:30 مساء تخلله تنظيم معرض فني مصاحب حيث تم عرض نماذج مصغّرة عن السفن التي استخدمت خلال التصوير وهي سفن حقيقية تمّ بنائها خصيصاً من أجل العرض إلى جانب مجموعة متنوعة من الأسلحة والازياء التي ارتداها الممثلون ترافق معها صور لصاحب السمو حاكم الشارقة وهو يشرف بشكل شخصي على أحداث العمل.
وترافق مع هذا الكرنفال المجتمعي إنشاء قرية تراثية مجاورة للمدرج عكست في طابعها الحياة الأصيلة التي كانت تسود في ذلك الوقت فالزائر لمدينة خورفكان وبعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم السينمائي سيكتشف العراقة التي اكتنفت المكان وروح الأصالة المجتمعية من خلال التجوّل عبر السوق الذي شيّد وفقاً للنمط التقليدي ويحتوي على منتجات شعبية تتصف بها المدينة من مأكولات وحرف يدوية ومنسوجات وغيرها سيفتح أبوابه أمام الزوّار حتى يوم السبت المقبل.
وكانت سماء المدينة قدّ تزيّنت بنجوم عبّرت بأضوائها عن شكر صاحب السمو حاكم الشارقة من خلال لوحات جمالية حملتها طائرات بدون طيّار /درونات/ شكّلت لوحات إبداعية متنوعة لعلم الدولة وصورة سموه متبوعة بعبارات الشكر والامتنان التي تعكس محبة الشعب وأبناء المدينة لوالدهم كما جرى إطلاق العديد من الألعاب النارية ابتهاجاً بافتتاح الصرح الثقافي والمعماري المتميز.
وحرصت هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون على نقل التجربة السينمائية التي عاشها سكّان مدينة خورفكان لجميع أبناء دولة الإمارات إذ سيتواجد الفيلم في جميع دور العرض في الدولة بداية من 17 ديسمبر الجاري ليحظى الجميع بفرصة الاطلاع على مشهد أصيل من مشاهد التضحية والفداء التي شكّلت بصمة مضيئة في تاريخ الدولة والمنطقة وعرّفت بعراقة وأصالة المدينة التي لم تفتح أبوابها أمام اعدائها.