كأنها فراشة تنتقل من زهرة إلى أخرى بخطوات ملؤها الجمال، وتكاد هالة الإشراق والبراءة التي تدور من حولها أن تبهر البصر فلا يبقى في الوجود سوى رسم خيالها، في كل خطوة منها أمواج زرقاء تلتقي والسحر.. بربيعها السادس عشر تلك هي الإماراتية عليا النيادي التي جذبت الأنظار إليها باعتبارها أول راقصة باليه إماراتية محترفة.
«الحواس الخمس» التقاها بعد عرض «فانتازيا باليه» الذي أقيم أخيراً في أبوظبي على المسرح الوطني وكان له معها وقفة:ولدت عليا النيادي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث أمضت 5 سنوات، عادت بعدها الى وطنها الإماراتي طفلة حالمة بكل ما هو جميل، وفي عمر السادسة كان موعدها مع أول دروس الباليه الذي عشقته ونهلته من والدتها ومدربتها سيفتلانا النيادي التي كانت تعطي دروساً في مبادئ الباليه في المجمع الثقافي، تقول عن هذه الفترة: لقد بدأت خطواتي في الباليه على يد والدتي – مدربتي في ذات الوقت- ويوماً بعد آخر أصبحت أعشق هذا الفن الجميل الذي يجمع بين الرياضة والفن والأداء والرقي والتدريب الروحي والنفسي.
تقول عليا عن كيفية قضاء يومها: أحاول أن أحافظ على رشاقتي التي هي من ضرورات فن الباليه، بعدم الأكل ليلاً والاقتصار على الفواكه والخضار والابتعاد عن الشكولاته والحلويات بأنواعها، كما أنني لا أقترب من أكل الوجبات السريعة أو الدسمة، وأمارس تمارين الرقص ساعتين يومياً، والتركيز بدراستي لأنها الأهم بالنسبة لي ويعقبها الباليه.واجهت عليا التي تتقن 3 لغات هي العربية والإنجليزية والروسية إضافة لتلقيها الحالي لدروس باللغة الفرنسية؛ في بداية مشوارها بعض الانتقادات من زميلاتها، إلا أنها استطاعت بخلقها الرفيع وتواضعها أن تقرب إليها بنات جنسها ووطنها، وكسبت ود قريناتها من الفتيات اللواتي انضم بعضهن لدروس الباليه.
وفي عام 2001 قدمت عليا أول عرض باليه مع «فانتازيا باليه» التي تأسست قبل ذلك بسنة، أمام جمهور مسرح المجمع الثقافي، مشيرة الى أنها لم تشعر يومها بالخوف الذي يرافق المبتدئين، فقد مرنت نفسها على التركيز على خطواتها وإيقاع الموسيقى والاندماج مع المجموعة، ولم تفكر في أي شيء آخر.
اشتركت «فانتازيا باليه» بقيادة المدربة سيفتلانا النيادي في مهرجان «آرتيك» الدولي للباليه في أوكرانيا عام 2008، حيث حازت الفرقة الإماراتية على 3 جوائز كبرى في المهرجان، وكانت نجمة المهرجان عليا النيادي، التي تقول:
«لقد كانت تجربة مختلفة؛ حيث نافسنا عشرات الفرق الكبيرة والمحترفة، ومن أجمل اللحظات التي مرت بنا حين طلب إلينا أداء مقطوعة راقصة من الغناء الإماراتي وأديناها ونالت إعجاب الجمهور الغفير وتصفيقه، ولنا عودة قريبة إلى أوكرانيا للمشاركة في مهرجانها الدولي الذي نتنافس فيه مع أقوى الفرق العالمية».
تحتفظ والدة عليا التي كانت في السابق راقصة باليه محترفة وتدرب الآن فرقة فانتازيا باليه، بثقافة موسوعية متكاملة عن الباليه، وقد نهلت منها عليا تلك الثقافة العملية والنظرية، تقول عليا: «لقد شاهدت وتابعت عشرات المرات أسلوب مدارس الرقص العالمية المختلفة عن طريق المشاهدة الحية أو عن الأشرطة المصورة.
وقد أبهرني الأداء الرائع والجميل لباليه مسرح البولشوي العالمي لروائع تشايكوفيسكي بحيرة البجع وكسارة البندق والأميرة النائمة، وأتمنى يوماً أن أصل الى أسلوب أدائهم أو الانضمام إليهم، كما أتمنى أن تؤسس مدرسة للباليه في الإمارات تقدر أن تخرج فرق وراقصات باليه بمهارات عالية».
لعليا النيادي شقيقة أكبر هي كاترين التي تبلغ من العمر 19 ربيعاً، وقد ترافقت الاثنتان في دروس الباليه؛ إلا أن انشغال كاترين بالجامعة جعلها تبتعد عن الباليه، وتحرص الأم المدربة سيفتلانا على إعطاء دروس الباليه يومياً لمجاميع من الأطفال والفتيات المبتدئات في فن الباليه، فتعطيهن دروساً في اليوغا والجمناستيك والحركات والخطوات الأساسية للباليه، ومن بين تلميذاتها ابنتها عليا؛ فكيف تتعامل الأم المدربة مع ابنتها في الدرس؟
تنظر عليا لوالدتها وتبتسم فتقول: بصراحة والدتي تنسى أنها والدتي في الدرس، بل تتحول إلى مدرسة ومدربة تعامل الجميع بنفس الطريقة، فهي في حصة التدريب مدربة، وفي البيت أم حنون.
المصدر: البيان